السبت، 14 نوفمبر 2015

هذا أبي رحمه الله

 
 
 
 
 
 



إنها الأحلام بكل إتجاهاتها...ونحن في الحقيقة أغنياء بأحلامنا...
نحبه عندما كنا نعيش معه...والدي رحمه الله...
وكان لا بد أن يخرج من حياتنا...كان ذلك في 27/3 يوم كتب في عروقنا ذلك الرحيل...
في مثل هذا اليوم تركنا...سنين مرت...وكأن ذلك بالأمس القريب...
أحببناه وكنا نرى فيه قدوة...
كان جندي في هذا الوطن...خدم هذا الوطن بإخلاص ونزاهة...
لهذا خرج منه بعدة نياشين ولم ينهي الخدمة بالثروة ولا بالمال...
لأنه كان نزيها...مخلصا...مؤمنا بالحلال...
وكنا نراه وهو يجلس لساعات يلمع تلك النياشين...وتحس بأنه في قمة سعادته...
كل حركة من حركاته شاعرية التكوين...
تشترك كل الأعضاء في سلسلة رائعة من فن العمل اليدوي...
كان قدرنا أن يكون والدنا...فشكرنا الله وكنا أغنياء بهذه العاطفة... عاطفة الأبوة...
كنا نتباهى به...ببدلته وبلونها الكاكي الجميل...بدلة عسكرية رائعة بكل أبعادها...
هي كانت بالنسبة له مقدسة...لقد أقسم على حماية الوطن...
وسلاحه الذي لا يفارق جسده إلا في الظروف القصوى...
ويجلس يلمع وينظف ذلك السلاح...وكنا نستغرب من هذه العملية الدائمة ...
وبعد مرور الزمن عرفنا من الأفلام الأمريكية سبب تنظيف هذا السلاح...
كان أبي بالنسبة لنا عملاقا في الحياة...ثورة في البيت...يعني كثير العمل...
البعض من كان يظن أنه قاس جدا...أما أنا فكنت أعيش حنانه...
في الحقيقة لا أعرف من أي نافذة قرؤوا تلك القساوة...
كان قد قرر أن يرسلني الى الأزهر...كان يعشق من يلبس تلك الثياب...
ويحترمهم...ويجلهم...ولكني لم أكن أفكر بذلك...كان إتجاهي شكل آخر...
بعد رحيه بتاريخ 27/3 بقي يتحرك في وديان قلبي...وفي جبال أعضائي...
وبين سحابات عيوني...مع طلوع الشمس كنت أحس بوجوده...
ومع الغروب كان يتحرك لأن يتركنا الى الجامع...
وبين طلوع الشمس وغروبها كان وما يزال يعمل بعد أن تقاعد من الخدمة العسكرية...
روحه كانت مرحة...بل في القمة...بل محترفا بالمرح...
وعندما يعود الى البيت كان دائما يحمل في يديه كل ما يظن أننا نشتهيه...
كان عظيما وعملاقا في أن يتذكر كل ما نحتاجه...
كنت أحبه لأنه كان طائري الحنون...كان الشعلة التي تملأ سماءنا...
وتسحب من أعماقنا الحزن والضجر...
ما أسعد تلك الأيام الماضية...
وشاء القدر أن أحمل حقيبتي وأسافر...
وأبتعد عن الجنة حيث الضوء والهدوء...
هذه أفكار خفت أن تطير من ذاكرتي فرسمتها على هذه الورقة...
وهي بذكرى وفاة والدي رحمه الله...هى في الحقيقة لا يغيب عن عالمي...
وكثيرا ما أتذكره في الجامع وكأني أراه أمامي يجلس على كرسي يقرأ القرآن الكريم...
أفكاري تشبه من يسرق الأشياء من الزمن...أنا لا أقول أفكار العصافير...
بالرغم من أني أحب العصافير التي تسبح في السماء...
وأنا اليوم حلقت في حياة أبي...وأملي من يقرأ هذا أن لا يذهب بعيدا بأفكاره...
اللهم إرحم والدي وتجاوز عن خطاياه ...
اللهم أرحم والدي كما ربياني صغيرا وأسكنهما فسيح جناتك يارب...
وصلى الله على سيدنا وحبيبنا ونبينا محمد وعلى آله وأصحابه
الأخيار وسلم تسليما كثيرا...
تحياتي
صن لايت






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق